2011/05/30

طلاب الرتب و الرواتب بين الموت و الحياة في سبيل الله



الرتبة ... الراتب ... الخصم ... الزيادة، هي اسطوانة هذا الموسم بين الكثير من شباب غزة، وخاصة الموظفين الحكوميين منهم، فمن خرج من المولد بلا حمص كما يقول المثل أصبحت الحكومة في وجهة نظره ظالمة وغير عادلة وتحابي أناس على أناس، وأن فلان صديق فلان، وزوجة فلان تكون بنت عمة جدة فلان المسئول الذي قيم فلان ومنحه التزكية والرتبة، ولذلك فلان حصل على علاوة وترقية ورتبة جديدة.

بينما في الطرف الاخر، من حصل على رتبة او ترقية وهو لا يستحقها، تجده يشيد في نزاهة الحكومة، ويمجد لها ويكاد أن يصلي لها لأنها أبرته وأكرمته وكافئته على عدم فعله أي شيء يذكر للحكومة سوى تملقه وتمسحه وقربه من فلان وفلان.
 
وبينما من حصل على شيء وهو يستحقه، تجده شارد الذهن مشغول البال متعب الفكر في المسئولية التي ألقيت على عاتقه، وهل سيكون على قدر هذه المسئولية أم سيقصر أمام الله والعباد، لا يتحدث، ولا يتذمر لأنه يريد أكثر من ذلك، بل خائف من تبعات هذه الرتبة وهذا المنصب لأن المسئولية زادت، والحمل ثقل.

هذه الايام لا يشغل الشباب سوى فتنة الدنيا والأموال هذه الفتنة التي عظم رسول الله صلى الله عليه وسلم شأنها فقال: ((إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ فِتْنَةً وَفِتْنَةُ أُمَّتِي الْمَالُ))[رواه الترمذي]، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم لا يخشى على أصحابه الفقر،((لا الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ وَلَكِنْ أَخَشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمْ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ))[رواه البخاري ومسلم] وها هو حال أمتنا اليوم يتنافسوها كماتنافسوها ، فنخاف عليهم وعلى أنفسنا أن تهلكهم كما اهلكتهم.

هي طبيعة البشر التي ذكرها الله في القرآن الكريم :وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ
وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً [النساء : 32]،واسألوا الله من فضله ولاتسالو عن الرتبة والراتب، هذا هو أمر الله وكلامه العظيم فيا لقرآن الكريم.

هؤلاء الشباب الذين يقاتلون من أجل متاع الدنيا وفتنتها هم من كانوا أو ما زالوا أهلاً للثغور، وحماة للديار، يقاتلون وسرعان ما يقدمون أنفسهم في سبيل الله، قد نسوا الحياة في سبيل الله، والتي هي أعظم من الموت في سبيل الله بألف ألف مرة، فالذي يحيى في سبيل الله يعد مئات وألوف للموت في سبيل الله.
فرأينا تساقط هؤلاء الشباب على الطريق، بل وعلى المفترق الاول، بل قبل المفترق وفي أول رجفة واختبار.
هؤلاء المتساقطون والمتحاملون والعابدون للدرهم والدينار والذين قال عنهم الإمام البنا "النفعيون" وهم الصنف الثالث من أصناف الناس بعد المؤمن بالفكرة والمتردد ويقول فيهم رحمه الله ولهم: (حنانيك ليس عندنا من جزاء إلا ثواب الله إن أخلصت ، و الجنة إن علم فيك خيرا ، أما نحن فمغمورون جاها فقراء مالا ، شأننا التضحية بما معنا و بذل ما في أيدينا ، و رجاؤنا رضوان الله سبحانه و تعالى و هو نعم المولى و نعم النصير ، فإن كشف الله الغشاوة عن قلبه و أزاح كابوس الطمع عن فؤاده فسيعلم أن ما عند الله خير و أبقى)

ونذكر جميع الاحباب والكرام بأننا من حيينا في هذه الدنيا من أجل منصب ولا جاه، بل من اجل الله وفي سبيل الله، فاجعلوها خالصة لله،(ومَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً ).

ورحم الله من قال: (من نذر نفسه لخدمة دينه فسيعيش متعباً..ولكن سيحيى كبيراً ويموت كبيراً ويبعث كبيراً.
ولا تكونوا أيها المجاهدون الابطال كمن قال الله فيهم: (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاء الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُوْلَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً)، ونذذكركم بقول الله عز وجل: (تِلْكَ الدّارُ الاْخِرَةُ نَجْعَلُهـا لِلَّذيْنَ لا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الاَْرْضِ وَلا فَسـاداً وَالْعـاقِبَةُ لِلْمُتَّقِيْنَ)
وصلى اللهم وبارك على سيدنا محمد

هناك تعليق واحد:

  1. مقالة طيبة ورائعة جدا اخي الكريم .. شرحت وبينت ووضحت .. انتقدت وصححت

    ردحذف